بالتهاليل والـ «يباب» زف الشهداء من ضحايا الانفجار الآثم في مسجد الإمام الصادق (ع) من ذويهم وأقاربهم إلى مثواهم الأخير في مشهد حاشد أصّل به أهل الكويت تعاضدهم ومحبتهم لبعضهم البعض، وأي شهادة تلك التي تكون فيها مصليا صائما في يوم جمعة من شهر رمضان المبارك مختتما حياتك ساجدا لله مرددا «سبحان ربي الأعلى وبحمده»؟ فزتم ورب الكعبة، هنيئا لكم قد بدأتم بصلاة وانتهت بجنان.

إن المشاهد الدامية التي شاهدتها على وسائل التواصل الاجتماعي من عمل إرهابي جبان وأنا في غربة لها من الأثر ما له، لم يقدر الله لي أن أعيش عام 1990 في غزو العراق الغاشم للكويت، فالعمل الإرهابي الأخير هو أول حدث ضخم أعيشه هز الكويت بأكملها منذ أن وعيت على هذه الدنيا وبإذن الله يكون آخرها بمحبتنا والتفافنا حول بعضنا البعض وتكاتفنا، أريد في هذا المقال أن ألفت انتباهكم الى السم الذي ينخر الجسد الكويتي ولكن بمنظور الغربة وتداعياتها على أبناء الكويت المغتربين.

هي تبدأ عندما تمر الأيام ومجموعة من الشباب بالغربة يجتمعون ويتبادلون أطراف الحديث إلى أن يأتي وقت الصلاة فينادوا لصلاة المغرب في جماعة، وإذا بأحدهم يعتذر من المشاركة لعدم حلول وقت الصلاة لديه بعد.

من هنا يتعرف الشخص على مذهب الآخر، ويبدأ بعدها سيل التساؤلات وطول النقاشات والجدل والسجال الذي لا يقدم ولا يؤخر، وكم أتمنى أن تنتهي برحابة صدر ومحبة وتقبل الاختلاف، ولكن كثير من الأحيان تختم بغير ذلك، فقد بدأت بصلاة وانتهت بخلاف.

ما أحوجنا وخصوصا ونحن خارج الوطن الى أن نكون يدا واحدة، تجمعنا الانسانية، الوطنية، والرابطة الدينية المحمدية الأصيلة، أتمنى وأطلب من كل مغترب يعشق وطنه أن يضع الكويت نصب عينيه، ويترك الجدالات والسجالات الطائفية المقيتة التي تضر وأبدا لا تنفع، إن كان في علاقاتنا الشخصية، وفي حواراتنا على وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى في أنشطتنا الطلابية والنقابية، افرضوا الوسطية على أنفسكم، ثقوا في أبناء وطنكم بغيرتكم وخوفكم على بعضكم، اجتنبوا أي قول أو فعل أو نشر كل ما -قد- يشعل الطائفية حتى من دون قصد، فوالله لا يطفئ سمومها أحد سوانا، نبه من تربطك علاقة قريبة به وانصحه إن أخطأ في موضوع ما بعد أن نتعهد بمحاسبة أنفسنا وضبطها ونحاول تغيير نظرتنا وأسلوبنا في التعامل مع الاختلافات البشرية الطبيعية، فالكويت والله وبالله وتالله بألف خير بأبنائها وبناتها، بشبابها وكبارها المخلصين لها، فما أجمل المنظر الأروع إطلاقا في اصطفاف أهل الكويت في صلاة الجمعة الجامعة في مسجد الدولة الكبير بمختلف أطياف المجتمع يتقدمهم صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله وولي عهده الأمين لإيصال رسالة تاريخية إلى العالم أجمع بأن الكويت قوية والانفجار الإرهابي الجبان جعلنا صفا واحدا، فالحمد لله الذي جعل أعداءنا من الحمقى، ونأمل أن تكون هذه الصلاة الجامعة عادة متكررة تجمع بها طوائف المسلمين في الكويت، فالمجد للوطن والخلود لشهدائنا الأبرار، حفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من كل شر ومكروه.

 

الرابط في جريدة الأنباء